الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

إلى: رضوى داوود (الجميلة في الغابة الباردة)











صور الغابة الروسية تظهر فجأة على الفيس بوك، تُذكّرُني أن هناك حيوات أخرى بانتظاري، غالبًا كنت سأنام تحت الشجرة وأنتظر أن تنمو الأوراق على أطراف أصابعي.
أريد أن أزورك في روسيا، الغابة الباردة ستُحسِّنُ مزاجي وربما تعيد صبغ قلبي.

اليوم هو مجرد تكرار ليوم سابق، قابلت رجلًا مدهشًا، وقبل أن يبدأ فيلم الحب الجديد، هجم جيش من النقط السوداء وانقطع الإرسال، هذا العطل كان كافيًا لأن أغادر المكان بسرعة وأنا أضحك. أمسك بإبرة الكروشيه وأغزل شيئًا آخر سيكون ملونًا ومبهجًا، أشاهد أفلامًا متتابعة كي يتسلى الخيط وهو يفقد حريته داخل النسيج.


بالأمس صادفت رجلًا بلا فم، كان أنفه ناعمًا جدًا وجميلًا، نصف وجهه الأسفل مغلق بلا فتحات. لا أعرف كيف سمحت لروحي بالاقتراب منه، لكنني أحببته أو هكذا أتصور، وإلا كيف سمحت له بالبقاء معي.
كنت معه يا رضوى، وكان أنفه يلمس جسدي بحبٍ لم أصادفه من قبل، أنفه ساحر يا صديقتي، لقد قام بتفكيك عُرى جسدي، وغمرني داخل نشوة لا أعرف استعارة تشبهها. لكنه اعتدل فجأة وأخبرني أن رجلًا آخر يسكن عظامي، ثم قال وهو يبتسم بمرارة: "الصورة ماتزال جديدة يا غادة ... لماذا سمحتِ لي بالاقتراب الآن؟"

كدت أن أصرخ قبل أن أمسك يده لأمنعه من المغادرة، أخبرته أن بإمكاني تصفية دمي. بكيتً تحت أنفه ثم أقسمتُ أن صاحب الصورة لم يترك أثرًا واحدًا بجسدي، لكنه طبع نفسه الملونة على صفحة روحي.

صُوري على الفيس بوك تنال لايكات وتعليقات تتجدد مع كل صورة، ما أكتبه يبدو تافهًا مقارنة بصورتي، ما أكتبه أجمل مني يا رضوى لكن ما يقع تحت النظر يقترب أكثر من القلب. وأنا أشبه الجميع، نظري يشدني؛ فأمشي داخل رمال متحركة تحتفظ بي لسنوات طويلة.
أعيد تركيب ابتسامة قديمة، أسحب الموسيقى الناعمة من ذاكرتي وأستبدلها بمهرجان صاخب، ثم أحرّك الابتسامة ذاتها داخل فيديو يحتوي على إعلانات مملة.
لا أرغب بتعذيب أي شخص مع ذلك أتمتع بمشاهدة صورهم تلهث داخل دوائر خالية من الشغف.


أما أنا فسأواصل الكتابة كي تنمو لي ملامح جديدة.
مع الوقت ستحمل كل رسالة رائحة تخصها، سيهتز الكمبيوتر كلما اشتد الهواء لأن شجرة كبيرة من الرسائل تسكن ذاكرته.
كل من أعرفهم يحولون مشاعرهم إلى كلمات ميتة تتشابكُ معًا دون أية محبة، أخشى أن تكون كلماتي مكررة مثل طبيخ بائت، أو أن تكون عجوزًا فارغة من الأحلام.
لست متأكدة مما أكتبه يا صديقتي، ربما لعبة الرسائل هي قناع جديد أخفي نفسي تحته،
وأخترع امرأة كنت أحب أن أكونها.

.......
غادة خليفة
2015






نُشرت في الأخبار عدد الأثنين 5 أكتوبر 2015






..............

0 التعليقات: